نجومُُ مؤلمةُُ تحت رأسي



عبدالرحمن عفيف


المقدمة

الهايكو

أمي

أتكلّمُ مع الورد

الطائر

تلك النجوم



ينبغي غيرُ ذلك

كان مطرُُ بدائيُُّ

الَّزمن ذو الِّسيقانِ الطَّويلة

عناوينُ الأمكنة والهواء

كاهنُ الأُسر الَّصغيرة

خطوط لحب ....... وأحزنُ








المقدمة

موهبةُُ آتيةُُ من بلاد "ميديا" أرجوحتُها

سحاباتُُ من الحزن الأزلي الممزوج باللوعة الجبلية

والحلم الذي لاحدودَ لهُ .. إنها موهبةُ اللغة الظامئة

أبداًً .. صورُُ تلدُ في ذاكرة "عامودا" ومن ثم تحلّقُ

فوق" خابور" تجتازُ البصر لكي تعانق أُفقَ الغربة

بعيداً

إنّها كتاباتُ طيرٍٍ في أوّل صفحة من الفجر

الفضيّ.

إنّني أُحبّ هذا المهر الشّعري وصهيلهُ حيثُ يمتدٌّ

أمامهُ سهلُُ من الجمر الذي يحرقه دوماً لكي يكوّنهُ

والٍّشعرُ هو العذابُ أصلاً

شيركو بيكه س



الهايكو





ينطلقُ العاشقُ

في قدميه

وفي قلبه أُغنياتُ السنونو



إذنْ سأتركك للطيور الغريبة

والأمكنة

وعذابات البرد والحنين

أترككِ



لونُها أخضر في البعيد

البعيد الذي كوّن الريح يوماً

ويوماً

ذاك البعيدُ مضى

كالرياح



غارقاً بين ريح القُرى

أُمسكُ الوقت

يتركُني الضوءُ أعبرُ صوبَ خُطاك

التي هربتْْْ.



إذنْ أيُّها الشيخُ الأزرق

باركْهُ ...

بلّلْ وجههُ بالنجوم الخفيفة



لايذهبُ قصيراً

إنّما منكسراً

لايذهبُ خافتاً

إنّما خفيفا



هنا جلسنا سوية

هنا أشعلنا شفاهنا

هنا دخّنا بشراهةٍ

كان الّدخانُ يُصبحُ مُدناً

نُهاجرُ إليها في الصّباح



صرخوا في الأسواقٍ وناموا في الّليل

وحين على الضوء الأعلى

ارتجفتْ أسماء

عادوا الى البيت

عادوا محمولين

عاشوا....

ثمّ انسحبوا كخيط الحلزون



في كفّي سماءُُ

وفي معصمي خريفُُ



يتركون رسائلهم

ويختبئون في الرسائل



حصانان

يسهران على ألمي



منْ هذه الواقفة

ما تلك الأقمارُ الذابلة

علىوجهك



ماذا يُصيبُ الدرجات الكثيرة هذه

أنْ تَصعدَ الى يديْ أمّي

.........

ماذا يُصيبُ الدرجات الكثيرة هذه

أنْ تذهب الى أخي

سأضمّهُ

اشتقتُ لكلامنا المُختصر

اشتقتُ لبالونات الطفولة

والجسور.



عرفتُ أنك جئت إلى مكاني

ووجدتِ بدلا مني الغُرفة الصاخبة بالأصدقاء

وترددت طويلاً قبل أنْ تعرفينني

..........

عرفتُ أنني أكثر من أرى شمساً محطمةً

في قلبي

كضحيةٍ للمساء

كجرسٍ للملل

أجمعُ صوتي من الشّوارع التي قطعتُها مراراً

وثمة

المطرُ

الذي عرفك قبلي

مترنّحا

تحت المظّلات



ها ملكُ الصين وأنا ببذلة المحاربين

أجيءُ من عسكر الشّمال

أرفعُ غطاء "عامودا"

بهدوء أدخلُ فصل الدفاتر

وحيناً بعدَ حينٍ أدخلُ بالباب



لماذا أسمعُ الرّيحَ الخفيفة

وأقولُ :

إِنَّهُ ضجري يهبُّ قريبا.



أنا فضّةُُ هادئةٌ على صوان الرّيح

قلبي سلَّةٌ من النهار البارد بسلالم وأقمشة



أرى في البعيدِ قارباً مليئاً بالأزهارِ

حتَّى الحافّة

لاأملكُ غيرَ أنْ أنظر

لا أملكُ غيرَ أنْ أنظر وأتألّمَ بصمتٍ



هل سنجدُ طريقا في الرّكام

والمزهريّات من سينظّفُ لها الطّاولة

يرتّبُ المدخل

يغسلُ المساء بهدوءٍ

منْ سيؤكّدُ أنَّ كلَّ هذا ليس حقيقيّاً

وينبغي غيرُ ذلك



هل أضعُ نجمةً على جرحي

وأنام



غنّيتُ لكِ طويلاً كالضِّفافِ

دققتُ البابَ الأزرقَ

فجاءَ شبحُكِ

ألقى عليَّ كتّاناً وسمكةً

ومضى.





أمي



اللهبُ المتصاعدُ من جناحيِّ الّطائرِ

النُّعاسُ والمللُ وأنتِ التّي هذا الحوشُ كلّهُ

النّباتُ الأخرسُ والطاولاتُ الخشبيةّ

المهترئةُ قليلاً

شتلتُكِ في النافذة لا تنامُ

الأقمارُ تحتَ مخداتكِ الملوّنة

القططُ التي تعبثُ بالليل إلى هذا الحدِّ

لو بكيتُ أمام عينيكِ الجميلتين

لو هممتُ أنْ أكونَ أبعدَ عنكِ

وفاقداً شخصيّتي دونك

أمي

لعلّي سأنامُ الليلةَ أيضاً

تحتَ شراشفِ النُّجومِ

هكذا معزولاً

تحتَ هذا السّطح الإسمنتي الواسعِ المغبّر





الطائر



لماذا قتلتِ الطّائر في الغرفةِ المجاورة

بمصابيحِهِ الخضراء وروحه الرقيقة

بعشبهِ الفضيِّ وتلعثمه في المقاطعِ الأخيرة

وساقيتهِ البنفسجيّةِ العاليةِ

لماذا ضربتِ الطائر في غرفةِ النّوم

يهذي تحتَ سريرِ لذّتكِ بالصمت

وبكى حتّى امتلأتِ الغرفةُ بالماءِ

وكتبَ شجرةً في زاويةِ المرآةِ

سكتَ كي لا تخجلين

وغنّى كي تعرفينهُ، وسكتَ أخيراً

لماذا طردتِ الطّائرَ من الغرفةِ المجاورةِ

فيها أكياسُ موسم الحنطةِ والزيتون والجبنُ

وخيارُُ قديمُُ في أكياسَ فقيرةٍ



بمصابيحهِ التي تنيرُ الممشى عندما تخرجين

في ليلةٍ بدون كهرباء

وأشباحِ تحت الدالية

كانَ يريدُ أنْ يحفظَ آثارَ قدميكِ في عينيهِ

يلمَّ بقاياكِ من الأمشاطِ والكسل

كما ملائكة

لماذا قتلتِ الطّائرِ في الغُرفةِ المجاورةِ

طائر مثل جرسٍ

في قلبكِ الصّامتِ، في جلدكِ العميق

بألمِ الصّمتِ في عينيهِ الحمراوتين

بمنقارهِ الذي يأكلُ نسيانكِ





أتكلّمُ مع الورد



أتكلّمُ معَ الوردِ منذ الصّباحِ الباكرِ

منذ أنْ مسّتني يدُكِ البيضاءُ فوقَ جبيني

وكنتُ مريضاً

منذ أنْ رأيتُكِ في الباحةِ تلعبين مع الصبّياتِ

الأُخرياتِ

كانت قيثارةُُ على حاجبيكِ

كان قمر في أذنكِ اليمنى

وكنتِ صغيرةً

وكنتُ مريضاً

أتكلّمُ مع الوردِ منذ الصّباحِ الباكر

ويدي مخدّةُ روحكِ العطشانةِ في البعيد

قلبي وسادةُُ لجسدكِ المُتعبِ الثابتِ كصنمٍ

في غُرفِ الآخرين

عيناي مروحةُُ تطردُ عنك الحزن والموت

أتكلّمُ مع الوردِ منذ الليلةِ الفائتةِ

بينما كنتِ ترتّبين خزائنكِ البنيّة في القاعةِ

إلى جانبِ الثريّات

بينما كنتِ ترسمين لكلِّ غرفةٍ اسماً

وترشينَ عليها عطوركِ الخاصّةَ أو جسدكِ الخاص

الذي أصبح ملكاً للآخرين

أتكلّمُ مع الورد منذ ألفِ سنةٍ

ونجمُكِ قلبي ينحلُّ في المياه الكبريتيّة من مرايا الحبِّ

المختلف

بينما تضعينَ حجراً على الذكرى

بينما تذبحين عصفوراً غريباً في المطبخ

وتهيئين المائدة الصّعبةَ

لأجلكِ أتكلّمُ مع هذا الصّباح

حيثُ حبّكِ مقصُُّ ليّنُُ لايقطعُ المسافة الكبيرة

حيثُ شمسُُ منطفئةُُ تتكلّمُ مع الوردِ أيضاً



منذ أنْ مسّتني يدُكِ وذهبتِ

منذ أنْ متُّ على نفسي لأجلكِ









تلك النجوم



كم العالم مختلف

من المؤكد أنّ أشخاصاً يشبهونني، هشّين

وحسّاسين جدّاً

موجودون في بقاعٍ كثيرةٍ من العالم

امّا يقبّلون فتياتهم الشّقراوات

أو يُدخّنون على الأرصفة

يشربون النبيذ

يرتاحون بعدَ سفرِ طويل

رأوا فيه أسواقَ الهند

كتبوا عن انطباعاتهم

حقّاً كم العالم مختلفُُ!

أفكّرُ أنه كان ينبغي عليّ أنْ أنتحر

أُنهي هذا القلب الذي تكاثرَ عليه الذبابُ

والطيّبون أصحابي

إلى أين يذهبون

أُراقبُ عقولهم وهي تذوبُ

والنّجومُ ....

حينما كنتُ أجلسُ على الدّرج - كنتُ صغيرا-

أحبُّ إحداهنّ (كم كان جميلاً ذلك الزّمن)

هل أستطيعُ أنْ أجلسَ أيضاً على نفس الدّرج

والنجومُ يكون لها نفسُ الألق

إلهي.....

لماذا خُلقَ قلبي من هذه الطينة

من هذه النجوم الشاسعة

إلهي.....

هل تراني حقّاً

أحقّاً تعرفني

أينَ تلك النّجومُ إذاً

وما هذا القلبُ الذي أحملُهُ

ثقيلاً مثل هذا العالم الذي خلقتَهُ

هشّاً مثلهُ.





ينبغي غيرُ ذلك



آهٍ....

الذين تمدّدوا في الّظلال

ماتوا منذ زمنٍ بعيدٍ



الورودُ التي عرفناها

ماتتْ منذ زمن بعيد





المزهرياتُ القديمةُ

تكومّت كالغبار فوق العتبات





ونحن رحلنا في الموسيقى





ما عدنا نميّزُ بين قلبنا وبين الريح







بإبرةٍ من الحزن نخيطُ المساء على جلودنا الجافّة

آهٍ.....





الأوراقُ التي ماتتْ هي نحنُ





لن تغفر لنا الحشائشُ في أعالي السطوح

ستبكي الحجارةُ في زوايا البيت

سيُسمعُ النواحُ من الليالي

سنمرُّ كالأشباحِ على أيدي أجدادنا







نهتفُ عالياُ:

نحن لم نغيّر الجهة

إنما الشمسُ تُشرقُ من جهة أخرى





كان مطرُُ بدائيُُّ



الرّيحُ نادتني

فجئتُ



خلل التراب الكثيف ورطوبةِ الرّائحة

قلتُ لكَ: سلاماً

وابتسمتُ لكَ



الريحُ نادتني

وقلتُ لكَ سلآماً وجئتُ

لم أنسَ الشبابيك التي تمشي في المساء كالذكريات

والأعشابَ الجافّةَ

لم أنسَ أني مشيتُ في هذا الشارع

ومرّةً ثانيةً

ها أجدكَ في انتظاري

فلنذهبْ

......



قبورُ الضوء واعيادُ رأس السنة الراحلة

هكذا



ومع الخطوات آخر الليل

حيثُ قبل قليل كان مطرُُ بدائيُُّ يبللُ الساعات

قبل قليلٍ كان طائرُ السحابِ أعمى وحزيناً

وهتفتُ لكَ :

الريحُ نادتني

وجئتُ

أزحتُ بعظامي الكئيبة

قلتُ:

سلآماً

وابتسمتُ لأجلكَ





الَّزمن ذو الِّسيقانِ الطَّويلة



بهذا الشّكل

بأنفي المنحني كصلاةٍ

أذهبُ في الرّحيق

أذهبُ في العفونة الجميلة

كم مضى على تلك اليّام



كان عليَّ أنْ أفكّرَ في تلك الرائعة منذ زمنٍ بعيدٍ

تلك التي تحدّثتُ عنها لأصدقائي

وكتبتُ رسالةً خاصّةً في ارتباطاتها

والغرفُ الصامتةُ الآن

مثل جسدِ مساءٍ ميّتٍ

تتذكّرُ بالتأكيد

سيقانَ الز!هرات الطويلة

مثل الذكريات



ذلك الإناء ذا العنق الطويل أيضاً

والحزن الذي كان ينتابني

وأوّلُ عاطفة بدأتْ تتسلّلُ إلى قلبي الصّغير

وأولُ غيرةٍ

في تلك الرائحة التي تلاشتْ

في ذلك الزمن ذي السيقان الطّويلة.





عناوينُ الأمكنة والهواء



كرعشة على مقابر الملوك

والشحاذين

سقطت الشجرةُ على الرؤوس

وعلى آبار ما

بغير دهشة

تحرك العشبُ على أقدام القبرات

وكنتُ هنا أُحصي دقائق الإسفنج وماء

العيون

أنا للشواهد ملقاة تحت الشمس

أُوصل بين التفاحة وبين خرائط

على الجدران المتهدمة

وأنوح كطير في شبابيك

الفقراء على طرق العيد.

لا الغيومُ عنيفةُُ كفاية

لا الأيدي قادرةُُ على الإنتظار أكثر



آه ... ياغيم الجيران

أرعى الريح منفردا

ومزاميري ألقيتُها على السطوح

للتكاثر .

أرملةُ المستنقعات جاءتْ

بكل فراشاتها

والأسيجةً جاءت

تنوحُ مع الأرجل الصغيرة للطيور

مع الأطفال على الشمس

ولا أعبرُ غير عينين ..

عينان تفتحان أبوابا باسم الملك

الذي هو أنا

لكي أرسم نهايات الأصابع

وباقات الرؤوس



لأجل الصباح الصغير

لأجل فناجين القهوة

لأجل الصباح الأشعث

دون مقدمة

وبدون خاتمة تأكلُ الهواء

أفتحُ هذا الدرج معتمدا على قوة الفراغ

وكائنات الدهشة ....



أيُها الصوتُ الذي ينساني على أحصنتي الهزيلة

أعبُر أكوام الغجر والماعز القائم في المساجد

الصوت العالي

والطيور الخائفة على الخبز

أيةُ أقدام مرتْ على الوردة

أيُ أعشاب تفتح عنها الصباح

بهذه الأقدام أتربصُ

ببدايات البياض على زهرة الشمس

في الحي المغلف بالربيع

أتربصُ بيدي تلمسان العذوبة

فيتنفسُ الهواءُ كجدران وهمية من السيولة والإنغماس

عنيتُ أنني

سأذهبُ الى الطرقات مع الحمير الملونة

وقطعان الماعز

وأنامُ أيضا في جانب العربة

لأخبر العشب عن الساعات

الأخيرة وعن خبزالأمُهات الحزانى

عنيتُ أن الجدران سوف

تكونُ في غير هذه الألوان الغامقة

وأنني سأنتظر لشهور وسنوات

عقيمة قبل هذا.

لكنني هكذا أيتها الأيدي

التي تحفر في الذاكرة بقايا الصيف وقش القرى

وتلال الحصرم

أيتُها الولادات الجميلة على جبين

بالماء والباحات

حين تبدأُ الكلابُ تأكلُ العظام والشمس

وحين تخرقُ القضبان الحديدية

هدأةُ الموتى

أتكومُ كقط وسخ في

زاوية ما من غرفة مهجورة وأحصي السنوات

التي رميتُها على الطرق

أُحصي العيون التي ابتسمتْ لي

وأبتسمُ لها الآن في التراب

في هذه الزاوية القذرة

أتكومُ كحصى بارد ومتشقق

وأقرأُ

الخطوط على كفي دون معايير

أنام

أنامُ

هذه سكينة المحاربين وقادة الملل

فاحصا جدراني المهدمة في الروح

والدعوات الى زيارة الحلم .



لن يخرج القصبُ من ساقيتنا في السنة هذه

لن تكون لنا مقاطعُ كثيرة من الزيزفون

وسنكبر أكثر على الطرقات

سنلوح للطيور التي تغيبُ

للأعشاش التي يلعب بها الأطفال

للتنانير الباردة في الفجر

وللأمهات أخيرا

يودعْننا بالصلاة ويبكيْن كالثلج

كالثلج العنيف

والقبلة الضائعة

الضائعة مع شمس مظلمة

أنوح

أنوحُ

كسنبلة الفلاح السوداء

لي بدلةُ البحارة

على جبين يتركُني

أيضا كحفلة دون مدعوين

الريحُ التي انتظرتْنا

كانتْ للغجر الناضجين وشوارب قططهم المقتولة

الريح كانت تقعدُ كصف من المجانين في انتظار صيد وهمي

وهي الريح ما علمتْ أننا كنا نخاف من النواطير والليل وأننا كُنا نكسر طفولتنا على حجرين ونركضُ كالنبع

الى أُمهاتنا

أيضا خدعنا ظلنا قليلا

ولوناه بالكلاب والهواء

وشتائم المعلمين

يا فراشتي التي لاتطير

ها قد هيأنا مواقد الغاز

والخس الأبيض وعباءة

لنجلس

بكتبنا نعلن الربيع كرأس حليق

حليق كالبطيخْ

نموتُ أيضا في تفاحتنا

ولكننا نمضغ ألأصابع أكثر ونشتري

أمومة الصيف ببقايا الكعك

وأعياد الميلاد الهاربة

الهاربة

أيُها الجدار أخيرا كان لي جناحان

جناحان قويان كنسر في البرية

وكنتُ أتبعُ المجانين

الى أقفال العنب

آه يا جناحي

حين المساءُ يُقفلُ على الصناديق المغطاة

لي سنبلةُ المقاتل

لي زهرتان على طاولتي

لي برتقالةُُ خضراءُ وهواءُُ

ولي حنفياتُُ تتلفُ الصيف

والدفاتر

شطآنُ الكلام التي لاتنتهي

عرباتُ الهواء التي تمرُ على الحقائب

جاءتْ بطفلين ضائعين

ووردة صلبة

جاءتْ بالنهر قتيلا

وبالبنفسجة متروكة

للحجارة والهدوء

وكنتُ أقضمُ أظافرى وعشبة ما

وكنتُ أُهدىء المشافي والمذبوحين

وهواء الكنائس في صباحات العيد

كنتُ أنثرُ الظلال للقتلى والمقاتلين

يا سنبلتي الوديعة

أتركُ هنا المشية القليلة

والجدار القصير وأشجار الصنوبر

وأبددُ أكثر ما أكملتُه للعصافير

وأمثلة الجبال

وأذكُر أيضا الضفاف لأقول لها :

ياضفافي القليلة

أُمسكُ بضفدعتي وأرميها على الصور

الغيوم القليلة للأمهات

المشافي للجنون

وأتركُ هذا الوداع أخيرا

أتركُ الدرجات العالية للمسجد

لأُمسك بقرون الماعز

بقرون المساء

أحفرُ في يدي العناوين والأمكنة الضائعة

الضائعة ...





كاهنُ الأُسر الَّصغيرة



كما الرّيحُ الَّتي التصقتْ بدماغِ النَّرجس . على

اقحوانات الفراغِ الذّاهلِ. لعلَّني قادمُُ بعربتي وحصاني

إلى البيت. لنرفعَ الكراسي والقبّعات ونستريح.

مع العمَّة القاسية مع الأطفال.ومعنا نحن المذهولين في

اليُتم. ووضاعة الشتائم وكلمات النَّهر.



والشيخوخة المبكّرة في تيه العماء. والعيون الحمراء

المتوحّشة في الليل. بالبواخر الفاخرة التي تُطلقُ

آلافَ الأجنحة في هواء المساء المستلقي فينا أوّلاً وفي باقات

الفتيات الكسولات والصّغيرات سّنا على الزواج

والأمكنة المالحة في قيظ الكائن الذي بحليبه الجاف.

والمُرتبك كثيراً على الأرصفةِ وإشتعالات اليدين.

بالخوف من الديمومة في الضّمير والقرابة من النسل

السيء جّداً حتّى السلالات البشريّة الأنقى منذ زعيم

البشريّة وحتّى مرور الجيوش الضخمة ودون خوف

تحت الذراعين والوقوف والانهدام مع تلطيخ الرأس

بالعيارات الكاذبة إنّهُ مسبّبُ الحرب العالمية الرابعة مع

كلّ دونكيشوتيتهِ ومع أناقته معي وشراء المعطفِ لي

والبحث عني في نفسه لأنهُ قادرُُ على هذا ودائمُُ عليه

متبصّرُُ بحقيقة الذهول في الظّهيرة إلى جانب

خضرة المساجد متبصّرُُ بلعبتي مع العصافير وتمديد

المغامرة التي تستوجبُ كلينا كي نكون مع بعضنا في

البساطة ونعقدَ الأكفَّ مع النبات الأكثر خضرة.

حتّى في الخريف لأنّهُ هو الشخصُ الذي بوّابتُهُ

قائمةُُ في النافذة ليخرج نحو آلهتهِ المستمدّة من العقال

وشيخوخة الأُسر الكبيرة.والذي بكلابه يأكلُ أرانبَ

القرية ولا يتركُ طفلاً صغيراً بعينين حقيقيتين إلا

وينهمرُ في أشدِّ الفصولِ جفاءً وحوشيّةَ كلمات

مع البسكليت

من دون دواليب على ساحة الأوراق متراكما ومظلوماً حتّى من كتبه

وحيلهِ لأنهُ جائعُُ في مقاهي الدّرجاتِ وعلى عيون الأرامل إنني

النّهايةُ الحتميّةُ لكَ مادمتَ أنتَ نهايتي ومادمتَ أنتَ

قريباً وأتجاهلُكَ لأنَّ بي حياءً إليك إليك وأنتَ

القريبُ الذي تمدّني بسكاكرالأعراسِ متّهما في لحيتك

الحمراء متّهماً في قرابتك البعيدة وأنت المخلصُ

للأولاد مع باحتهم التي تنازعوا عليها مع أحصنتهم

الهاربة دائما مع دكاكينهم وحملاتهم للفوز بالجوائز

والحلوى للزوجات

للزوجةِ التي تتسلّطُ على الرّقابِ والعيون وتفعلُ ما تقعلُ

هل تفعلُ شيئاً غيرَ الحبٍّ للبعيدِ المُتعبِ الذي لايتعبُ لأولادٍ

والذي في انتظارِ الأملِ من الإبرةِ النحاسيّةِ

ليفقدَ العيونَ والأضلاع وتتكسّرَ من أجلِهِ

الموائد إذنْ أبوهُ مع السادة واشتعالات الأقرباءِ الذين

ينادونهُ من عمقِ الهاويةِ التي تنضجُ فيهم بالفقر

والصّحارى واتمام الزبيب الرجوليِّ

بالمعاطفِ الكثيرةِ الوسخةِ والقيام بجميعِ الواجباتِ بدلاً من الزوجة



مع الدراجةِ الناريّةِ التي هي فاتحةُ القرن الجديد

التي تحملُ المقاتلين الى ذروة حياتهم على غلاف المجلات

الكاذبة في زعم الأحزاب والتي تصدرُ من عواصم

الفخر وسكائر النكوتين



ولكن دائماً هناكَ غناءُُ فظيعُُ رقيقُ

وأنتَ تجلسُ ووردةُُ كالثيابِ في يديد تُديرُ

الوردة على الحظوظِ فتسقطُ

ولكنَّكَ وصوتُكَ جميلُُ ستصلُ إلى من تحبُّ ولكنْ بعد

حنينٍ في المقابر والهرب من عبثيّةِ الوجودِ وكتاب الَّصلاة

الكثيرةِ والأفلاك

هل أنت القاتل لاأظنُّ إلا أنك برىء بشاعريتك التي في جميعِ

الحداثاتِ

وفي جميع الأماكن ولكنْ هناك خطأُُ منّا جميعاً خطأُُ كبيرُُ

لايستوقفُ أحداًً ويدومُ... يدومُ

مع الشيخ على كُتبِه مع الأطفال الذين بدون أدعيةٍ



ماذا تفعلُ بيديكَ إذنْ

ولا تبدأُ إلاّ بداياتٍ كهلةً على الغامضِ والفجِّ

هل ستُحدثُ ما أحدثهُ الشّعراءُ من قبلك

ومن بعدكَ في هذه الألوهيّةِ الزائفة



مع التوابيتِ والرّكضِ

خلف جنازة الابن لأنك حزينُُ ولأنّ الريح في لحيتك الكهلةِ

ولانك كنتَ تحبُّ أولادك هكذا تموتُ وحيداً عنهم

بجميع حيواناتك التي تسيلُ فيكَ

ولكن ممهِّداً للأبناءِ جميعاً ...

أنتَ تمضي وفي يدكَ قِطعانُ الأغنامِ ترعى وأنتيكاتُ العالم

من الضوء إلى الضوءِ إلى الضّوءِ









خطوط لحب ....... وأحزنُ



بعيدةُُ والقلبُ مهملُُ في ورود الناس أحمر وأصفر وواحدةُُ خلفك تمشي

لعلك باردُُ الآن ستجلسُ كما في أعياد رأس السنة والأوتار المحمولة على الكتفين

أشكرك من هنا إلى طريق آخر لستُ أؤمنُ بما يأ تي إنما كتبُُ أو زيارةُُ والله لستُ أتعجب إنما أكلتني الالتفاتاتُ إلى المنزل الذي بعيدُُ في أزهار القامشلي ودمى الملابس لاتملُ إلا من تجمدك دعهُ ... ليس إلا ثرثارا فكر أكثر في مصير البقرفي الباحة بدون أكياس هنا أسيجةُُ من الإطارات جميلةُُ قريةُ - نجارة- والمدفأةُ االساخنة بالبرد لاتتذكرُ تريدُ أنْ تحزن لربيع في الحجارة ولشمس في الحناء ومواقد السيارات والوادي الذي لايطلعُ من الرأس وطنبورُُ على القلب لم تزرهُ اليوم مافائدةُ زيارة مكررة وأنت لم تجلب الأنتيل فكيف ذلك البابُ الذي زرتهُ من بعيد والنسوةُ جالسات يتحدثن الى العشب والبئرُ جاف غروبُُ آخرُ يسقطُ كتفاحة حزن كبيرة في القلب بعد إغلاق المدرسة والأطفال والدكانُ والبالونات هل لديك دخانُُ لن تراني إلا بعد شهر ونصف بعيدةُُ تقتلُ الياسمين وعنوان الرئة وهذا كلامُُ لايحركُ حجارة رصيف... يا صيفُ ومشيةُُ ما إلى الأصدقاء فاتتني الفرصةُ هل مرتْ بالقرب من الجسر وحيدة إلا لأجلك ماذا كنت ستقولُ لها عيناك صيفُُ وأنا قطيعُُ عطشان مشيتُك النهرُ وأنا الأوراقُ المختنقة إلى أين تذهبين وحيدة في الصيف المآذنُ والضوء هل تمرين بالقرب من باب بيتنا إلى شوارع أُخرى وليل آخروكراس تتذكرُ إلى دير الزور يا أسفك على الباب وأنا الخجولُ ذهب منذ قليل سلم عليه وقُلْ : لم أجىْء من أجل شيْْء هذا هباءُ المحبين الى غُسل الغياب الأفضلُ لك أنْ تكون كذلك لن تُضيف شيئا البساطةُ فقط لا أملُكها ستئنُ كثيرا يا صديقي ... لم أرها منذُ كثير هي أُختُك لعلها ولكنْ دع الُطرق والتنفس والحرير

لا تستطيعُ وماذا أفعلُ قريبا .. قريبا بعيدا كما البعدُ الحقيقيُ لاتستطيعُ الآن مرتْ وما مرتْ هناك ولم ترها

لو نصف ساعة أُخرى لو اصرارُُ ما ! لو قليل من الموت والتوقف لنْ أقف هنا

سأذهبُ الى الكراج

لماذا ....

الضحك...

سنراك

وداعا...







الطبعة الأولى حزيران/..1998

جميعُ الحقوق محفوظة

دار آسو للطباعة والنشر والتوزيع:

سيامند ابراهيم

لبنان- بيروت ص. ب



الغلاف: الفنّان يوسف عبدلكي



كُتبت القصائد ما بين عامي 1989-1997

في عامودا- ليتوانيا- ألمانيا